البطاقة التمويلية شيكات من دون رصيد وإبر مهدئة لأمراض مستعصية

عقد المنبر القانوني للدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين بتاريخ 5 أيار 2021 لقاءً افتراضياً لمناقشة مشروع قانون البطاقة التمويلية، والذي تعمل الحكومة على إنجازه تمهيداً لإحالته على المجلس النيابي لإقراره. المشروع الذي سيترافق مع قرار حاكمية المصرف المركزي بالتوقف عن دعم السلع الأساسية، كالوقود، والطحين، والمواد الغذائية والأدوية…اعتباراً من نهاية شهر أيار والذي يكلف الخزينة حالياً وفق تقديرات الحكومة حوالى / 5,04 / مليار دولار أميركي سنوياً.

استهل اللقاء بعرض مشروع البطاقة التمويلية الذي أعدّته الحكومة والأسباب الموجبة له. وشرح مفهوم هذه البطاقة التي ستمنح مستحقيها مبلغاً شهرياً مالياً مقطوعاً بخلاف مفهوم البطاقة التموينيّة التي تستخدم عادة لتوزيع حصص غذائيّة. تلا ذلك عرض للجداول التي تفنّد قيمة البطاقة التمويلية والتي ستتراوح قيمتها بين ستين دولاراً ومئتين وعشرة دولارات للأسرة الواحدة، وستبلغ تكلفة المشروع الاجمالية حوالي / 1,384 / مليون د.أ. سنوياً، وسيستفيد منها حوالى 750 ألف عائلة بمن فيهم الأسر الاكثر فقراً، وبمتوسط شهري تبلغ قيمته 154 د.أ.، إضافة الى المعايير التي تمّ على أساسها تحديد قيمة البطاقة والسعر المتوقع لبعض السلع بعد إلغاء الدعم عنها مثل البنزين، المازوت، الغاز، تكلفة 5 امبير مولد كهربائي، والسلة الغذائية الأساسية، ونسبة خفضه على الأدوية ونسبة رفعه على ربطة الخبز.

إلى جانب ذلك، تمّ عرض المشاريع الفرعية السابقة، التي أوردها مشروع البطاقة، والتي يستفيد منها حالياً الكثير من الأسر اللبنانية، حيث تبيّن أنها قد استثنت عائلات العسكريين المتقاعدين وبشكل استنسابي، ما يثير الشكوك في استثنائهم أيضاً من برنامج البطاقة، كما تمّ استثناؤهم سابقاً من البرامج الآتية:

  • المشروع الطارئ لشبكات الأمان الاجتماعية (ESSN) الذي يوفر مئتي ألف ليرة لبنانية للأسرة، يضاف إليها مئة ألف عن كلّ فرد وبحد أقصى ثمانمئة ألف ليرة شهرياً، والذي تستفيد منه 268,889 أسرة.
  • البرنامج الوطني لمساعدة الأسر الأكثر فقراً (NPTP) الذي يوفّر مئتي ألف ليرة لبنانية للأسرة يضاف اليها مئة ألف ليرة عن كلّ فرد وبحد أقصى ثمانمئة ألف ليرة لبنانية شهرياً والذي تستفيد منه 74,167 أسرة.
  • برنامج المساعدات من جراء جائحة كورونا الذي يوفر أربعمئة ألف ليرة لبنانية للأسرة الواحدة والذي تستفيد منه 300,000 أسرة.

على الرغم من قرب انقضاء المهل التي حدّدها حاكم المصرف المركزي لرفع الدعم، تبيّن أنّ مشروع البطاقة التمويلية كما أعدته الحكومة لا يزال غير نهائي ويفتقر إلى الشفافية ويحتاج الى عدّة أمور لضمان نجاحه:

  • عدم وضوح المعايير التي ستعتمد لتحديد العائلات التي ستستفيد من البطاقة والتي حددتها الدراسة بـ 750 ألف اسرة، وعدم وضوح آليات التقييم والاختيار والتخصيص.
  • عدم وضوح مصادر التمويل التي ستعتمد لتوفير تكلفة المشروع المقدرة ب 1,384 مليون د.أ. سنوي حيث تشير نيّة الحكومة إلى استخدام جزء من الاحتياطي الإلزامي المتوافر في مصرف لبنان، وذلك من دون تأكيد من قبل مصرف لبنان حول نيته توفير التمويل اللازم، وأيضا سعي الحكومة إلى توفير التمويل الخارجي وغير المؤكد لغاية تاريخه ايضاً.
  • عدم حسم نوع العملة التي ستستعمل لتغطية تكلفة البطاقة بين العملة الوطنية أو الدولار الأميركي، مع ميل الحكومة إلى استخدام الدولار الأميركي بهدف احتواء التضخم الذي يمكن أن ينتج من استعمال الليرة اللبنانية، في مقابل رفض المصرف المركزي وأصحاب الودائع استخدام الاحتياطي الإلزامي، وهو آخر ما تبقى من أموال المودعين.
  • عدم وجود توافق بين القوى السياسية على مسألة الرفع الكامل للدعم أو على تحديد عملة التمويل او مصدره، ما سيؤدي إلى إرباك تنفيذ المشروع، الذي يهدف إلى الحد من استنزاف العملات الصعبة، ووقف التهريب، وطمأنة البنك الدولي، الذي اشترط بدوره الرفع الكامل للدعم لتسهيل منح لبنان القروض اللازمة التي ستمكّنه من النهوض من أزمته المالية والاقتصادية.
  • البطء في إنجاز المشروع وإحالته على المجلس النيابي، بالإضافة الى عدم وضوح المهل الزمنية اللازمة لإنجاز مشروع البطاقة وإنجاز قاعدة البيانات الخاصة بها، وإصدار البطاقات وتوزيعها، والتي من المستبعد إنجازها في نهاية شهر آيار تاريخ وقف الدعم، وبالتالي عدم وضوح الإجراءات التي ستتخذها الحكومة إلى حين إقرار البطاقة التّمويليّة، إذ إن كلّ يوم تأخير ستكون تداعياته كارثية بعد رفع الدعم والارتفاع الجنوني المتوقّع للأسعار.
  • وجوب تضمين المشروع الأثر الاقتصادي والاجتماعي لرفع الدعم المخصّص لتمويل مؤسسة كهرباء لبنان والذي يكلف الخزينة أكثر من ملياري دولار سنوياً ما رتب على المالية العامة حوالى نصف الدين العام، الذي يشكل أحد الأسباب المباشرة للأزمة المالية التي يعانيها لبنان.

توافق المشاركون في اللقاء على أن مقاربة مشروع البطاقة التمويلية يجب أن يرتكز على المبادئ الآتية:

  • وجوب عدم تمويل البطاقة وبأيّ شكل من الأشكال من جيوب الفقراء وبالأخصّ من أموال المودعين (الاحتياط الإلزامي).
  • وضع المعايير العادلة لتحديد من هم أصحاب الحق بالاستفادة من البطاقة التمويلية.
  • وضع الآليات المؤسساتية الشفافة لتنظيم عملية منح البطاقات التمويلية وآليات تمويلها شهرياً.
  • التأكيد أن موظفي القطاع العام ومتقاعديه وخصوصاً العسكريين منهم وعلى اختلاف رتبهم، هم الأكثر تضرّراً من الأزمة المالية والاقتصادية، بفعل محدودية رواتبهم ومعاشاتهم التقاعدية، وتآكل قدرتها الشرائية، وكونها المصدر الوحيد لمعيشتهم، بالإضافة إلى أحقية هؤلاء، وأولويتهم في الحصول على أي مساعدة أو زيادة للأجور، انطلاقاً من أنهم يتقاضون هذه الأجور مقابل عمل في مؤسسات الدولة وليس منّة من أحد، فيما أفنى المتقاعدون حياتهم في خدمتها وباتوا غير قادرين بحكم تقدّم العمر على ممارسة أي عمل مأجور.
  • تحقيقاً لمبدأ العدالة الاجتماعية وتخفيفاً للضائقة المعيشية، يطالب المنبر بإصدار مؤشّر غلاء المعيشة وإقرار زيادة على الأجور لموظفي القطاع العام ومتقاعديه، سواء أتت مقطوعة كسلفة أو نسبة مئوية على الرواتب والمعاشات، تكون منفصلة عن مشروع البطاقة التمويلية ومكملة لها، لتطال جميع المتضررين من سياسة رفع الدعم وانخفاض القوة الشرائية لرواتبهم أو معاشاتهم، وهذا ما سيحل أزمة نحو400 الف متقاعد –
  • استعداد المنبر القانوني وبالتنسيق مع نقابات القطاع العام لإجراء حوار مع الحكومة لتحديد قيمة الزيادة على الرواتب والمعاشات، وتوزيع نسبتها العادلة على فئات الموظفين كافة.
  • اعتماد الشفافية وإقران عملية منح البطاقات التمويلية وكلّ ما يرتبط بها بمبدأ الحق بالوصول إلى المعلومات للحؤول دون تحويلها إلى بطاقة زبائنية انتخابية.
  • وجوب إجراء تحقيق جنائي لمعرفة كيفية إنفاق أكثر من ١٠ مليارات دولار منذ أواخر العام ٢٠١٩ لدعم السلع الاستهلاكية ومن أين تم توفير هذا المبلغ؟ وكم من الأسر استفادت منه؟ ومدى الهدر الناجم عن تهريب المواد المدعومة إلى الخارج؟
  • وجوب ضمان استدامة مشروع البطاقة التمويلية لتحقيق الأهداف منه وعلى أن لا يقتصر على توطئة لتمرير قرار رفع الدعم والتحجج لاحقا بعدم توافر التمويل الكافي لاستمرارية المشروع.

 

كما توافق المشاركون على مطالبة كافة القوى السياسية بوجوب تحمّل مسؤولياتهم الوطنية وتشكيل حكومة إنقاذيه، ودعم التحقيق الجنائي واستعادة الاموال المنهوبة ومكافحة الفساد ووقف هدر المال العام، وانتهاج السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية، والحوكمة الرشيدة التي وحدها تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان وتمكنه من تجاوز محنته الاقتصادية، وتعيد للعملة الوطنية قيمتها الشرائية، وتسمح بانتظام المالية العامة.

أخيراً أكّد العسكريون المتقاعدون وقوفهم صفّاً واحداً وجهوزيتهم لإسقاط أيّ سياسة اجتماعية لا ترقى الى مستوى العدالة والمساواة أو تجعلهم خارج أي مشروع يهدف إلى تمكين الأسر الأكثر فقراً من مواجهة الأزمة المعيشية الخانقة في حال تقرّر رفع الدعم، والتي ستكون من الأصعب في تاريخ لبنان.

 

المنبر القانوني

للدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply