الملخص التنفيذي لمطالعة “المنبر القانوني للدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين” حول مشروع قانون الموازنة للعام 2021
في وقتٍ تآكلت فيه القيمة الشرائية لرواتب الموظفين والعسكريين والمتقاعدين، الذين كانوا ينتظرون من الدولة تصحيح رواتبهم، أتى مشروع الموازنة المخالف للدستور والقوانين والمواثيق الدولية ليضرب أبسط حقوقهم التي كفلها القانون، ويُعرّض أمنهم الاجتماعي لأخطار جسيمة، ما يصُحّ توصيفه بالجريمة ضدّ الإنسانية، الأمر الذي يجيز الملاحقة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
خلُصت الدراسة التي اعدّها المنبر القانوني حول مشروع قانون موازنة العام 2021 إلى تبيان هشاشة الإصلاح المالي والإداري المزمع تحقيقه من خلال الموازنة، وتحديد مخالفات بعض مواد أحكام الدستور والقوانين، وشرح الأسباب الموجبة لإلغاء المواد32، ٩٣، ١٠٢، ١٠٥ ،١٠٦، ١٠٧ و١٠٨، بالإضافة إلى وضع التوصيات المناسبة بشأنها وفقاً للملحق المرفق ربطا ” المطالعة القانونية”.
أولاُ: في مقاربات الإصلاح المالي والإداري:
أ-إن مكافحة الهدر والفساد واسترداد الأموال المنهوبة والمهرّبة وتفعيل آليات المساءلة والمحاسبة لا سيّما من خلال انجاز التدقيق الجنائي وقطع الحساب عن السنوات المنصرمة، إلى جانب وضع خطة تنموية اقتصادية اجتماعية شاملة، تشكّل المدخل الصحيح والعريض لإصلاح مالية الدولة، وعند تحقيق هذا الإصلاح يمكن البحث في سبل تحديث نظام التقاعد والصرف من الخدمة وهيكلة القطاع العام.
ب-إنّ استهلال بعض مواد الموازنة بعبارة “خلافاً لأيّ نص آخر…” يضرب عرض الحائط نتاج نضالات تاريخية لتثبيت الحقوق ضمن قوانين أضحت ذات طابع الاستمرارية. كما أنّ تعديل هذه القوانين يجب أن يتم حصراً من خلال مشاريع أو اقتراحات قوانين مستقلة تدرس بعمق وتأنٍ، وليس من خلال قانون الموازنة ذي الطابع السنوي.
ج-خطورة منح أي إدارة الحق في وضع آليات تطبيق القوانين التي ترتبط بالحقوق، الأمر الذي قد ينتج عنه سوء تفسير واستنسابية في التطبيق، وبالتالي يجب حصر ممارسة هذا الحق بمجلس الوزراء مجتمعاً وعدم تركها لاستنسابية الوزير المعني.
ثانياً: في مخالفة أحكام الدستور والفقه التشريعي
أ-جاءت المواد ٩٣، ١٠٢، ١٠٥ ،١٠٦، ١٠٧ و١٠٨ مخالفة لأحكام الدستور ولمبادئ العدالة والمساواة، والثبات في التشريع، وتلاؤم التشريعات وتكاملها، وشكّلت خرقاً لمبدأ “عدم رجعية القوانين”، وإمعاناً في التعسف من دون وجه حق، ولم تراع قاعدة الحفاظ على الحقوق التي كفلها القانون، والتي لا يجب أن يسري عليها أي تعديل، ما لم يكن لمصلحة أصحاب هذه الحقوق عملاً بقاعدة تطبيق قاعدة القانون الأرحم. كذلك إنّ ادراج هذه المواد التي تعتبر من فرسان الموازنة Les cavaliers budgetaires؛ هو مخالف لأحكام المادة 83 من الدستور والمادة 5 من قانون أصول المحاسبة العمومية.
ب-يشوب نصوص المواد المذكورة أعلاه الكثير من الإبهام والغموض لجهة افتقار صياغتها إلى الدقة والوضوح وتحديد المعنيين بالتطبيق وتواريخ نفاذ التطبيق…، ما يفتح الباب واسعاً امام استنسابية الإدارة وتعسفها في منح الحق أو في حجبه. في موازاة ذلك، يجب أن تكون نصوص الأسباب الموجبة للتعديل متلازمة ومتوافقة مع مضمون النصوص المقترحة، لأنّها ستشكّل مستقبلاً إحدى قواعد الارتكاز لتفسير القوانين ولمعرفة نيّة المشترع عند إقرارها.
ثالثاً: في التعدي على الحقوق المكرسة بقوانين.
أكد المنبر القانوني في مطالعته رفضه جميع المواد32، ٩٣، ١٠٢، ١٠٥ ،١٠٦، ١٠٧ و١٠٨ وفنّد الأسباب الموجبة للاعتراض عليها ضمن الملحق المرفق ربطاً بالمطالعة، وخاصةً المواد التالية:
أ-المادة 107: إنّ تطبيق هذه المادة سيؤدي إلى حرمان الزوجة والبنات الوارثات حقهن المقدّس في معاش مورثهن “المتقاعد المتوفي” خلافاً للقوانين القائمة ووفقاً لما هو معتمد في غالبية الدول العربية، وهذا ما يمكن توصيفه بالجريمة ضدّ الإنسانية، كون الموظف يفني حياته بغية تمكين عائلته من العيش بكرامة، إذ
يشكّل معاشه التقاعدي الإرث الوحيد المتبقي لعائلته، وعلى التشريع التعاطي مع مفهوم “العائلة” على أنّه جزء لا يتجزأ من النطاق القانوني لتحديد الحقوق، وبالتالي لا يمكن فصل مصير الموظف عن مصير عائلته التي تعيش تحت كنفه حيّاً كان أم ميتاً، علماً أن تركة الموظف المتوفي هي مجموع المحسومات التقاعدية وعوائدها طوال خدمته، وبالتالي هي لا تشكّل أيّ عبء إضافي على خزينة الدولة.
ب-المادة 108: إنّ تطبيق هذه المادة سيؤدي إلى اقتطاع نحو نصف معاشات العسكريين المتقاعدين، ما يصحّ توصيفه بقطع الأرزاق وبالمجزرة الحقيقية، بالإضافة إلى انّها تضرب الحقوق المكرّسة في قانون الدفاع الوطني وقانون سلسلة الرتب والرواتب الأخير، ومن شأنها تدمير أمنهم الاجتماعي ونسف قاعدة الهيكلية التنظيمية والتراتبية والحقوقية ضمن متقاعدي الأسلاك العسكرية من جهة، وبينهم وبين متقاعدي القطاع العام من جهة أخرى. كما سيؤدي ذلك إلى عدم قدرة المؤسسات الأمنية على استقطاب النخب من الشباب اللبناني في مقابل افراغها من عنصر الشباب الكفوء، لا سيّما من الضباط أصحاب الطاقات الفكرية والعلمية، الذين على عاتقهم تقع مسؤولية إدارتها وقيادتها.
ج- تعدبل المادة 32 وإلغاء ضريبة الدخل المفروضة على معاشات المتقاعدين استناداً للقرار الصادر عن المجلس الدستوري المجلس الدستوري ارقم 13 /2019، الذي اعتبر هذه الضريبة غير متوالفة مع الدستور، وأشار وفقاً لقراره إلى أنه “… يتوجب العمل سريعاً جداً على إصلاح الخلل الوارد في المادة 23 والبند (4) من المادة 47 والمادة 48 على نحو يتوافق مع الدستور خلال إعداد ومناقشة وإقرار موازنة 2020.” الأمر الذي لم يحصل لغاية تاريخه، واستنادا لكتاب المديرية العامة لرئاسة الجمهورية رقم 530 / ص تاريخ 15/10/2019 والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 47 تاريخ 17 /10/2019.والذي استثني بموجبه ورثة المتقاعدين من ضريبة الدخل.
رابعاً: في التوصيات
أ- إلغاء المواد ١٠٢، ١٠٥ ،١٠٦، ١٠٧ والأخذ بالاقتراحات المدرجة في الملحق المرفق ربطاً “الأسباب الموجبة للاعتراض “.
ب-استبدال نصوص المواد 93 و108 بالنصوص المقترحة وفقا للمطالعة المرفقة ربطاً.
ج-تعديل المادة 32 وفقا للنص المقترح في بند التوصيات من المطالعة المرفقة ربطا، واستثناء ورثة المتقاعدين استنادا لكتاب المديرية العامة لرئاسة الجمهورية رقم 530 / ص تاريخ 15/10/2019 والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 47 تاريخ 17 /10/2019، وثانيا استثناء معاشات المتقاعدين تطبيقاً لأحكام قرار المجلس الدستوري بإلغاء ضريبة الدخل المفروضة على معاشات المتقاعدين الصادر تحت رقم 13 /2019 تاريخ 17/9/2019.
د- تعديل الاعتمادات المخصّصة للتقديمات الحمائية والرعائية ورفعها بما يتناسب مع التكلفة الحقيقية ومع مستوى التضخم المتوقع للعام 2021، خصوصاً بندي الرعاية الطبية والتقديمات المدرسية لمتقاعدي القوى المسلحة بما يعادل ما هو محدّد في تعرفة تعاونية موظفي الدولة.
ه-إنجاز مشاريع قطع الحساب والتدقيق الجنائي، ومشاريع مسح القطاع العام والتوصيف الوظيفي قبل المباشرة بأي نقاش حول إصلاح نظام التقاعد والصرف من الخدمة أو إعادة هيكلة القطاع العام.
و-عدم المباشرة بإعداد أي مشروع لتطوير نظام التقاعد والصرف من الخدمة من دون مشاركة ممثلين عن مختلف القطاعات والنقابات المعنية والمتقاعدين أو من دون الأخذ بآرائهم وملاحظاتهم.
ز-إقرار زيادة فورية على الرواتب والأجور تتناسب مع نسبة غلاء المعيشة.
المنبر القانوني
للدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين
1 Trackback / Pingback