بيان صادر عن المنبر القانوني للدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين حول مشروع قانون موازنة ٢٠٢١
يستغرب المنبر القانوني أشدّ الاستغراب، توقيتاً ومضموناً، ما جاء في مشروع الموازنة من استهداف جائر لحقوق موظفي القطاع العام وخصوصاً العسكريين، في وقتٍ يعاني هؤلاء أوضاعاً معيشية مزرية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسيّة، وتآكل القيمة الشرائية للرواتب بنسبة ٨٠٪، وهذا ما يثير الريبة والاستهجان من سلوك السلطة المسؤولة، التي كان من المفترض أن تعمد إلى إجراء تصحيح فوري للرواتب والأجور، لا الى الانقضاض على حقوق بديهيّة لم تعد تسمن أو تغني من جوع.
علماً أن مشروع قانون الموازنة يعتبر عند إقراره صكاً تُجاز بموجبه الجباية والإنفاق لسنة واحدة غير قابلة للتمديد، جاء مخالفاً لبعض الأحكام الدستورية والقانونية الأساسية، ألا وهي مبادئ العدالة والمساواة، وحدة الموازنة وسنويتها، ووجوب عدم رجعية أحكامها، واحترامها للحقوق المكتسبة وعدم التعسف في استعمال الحق وتجاوزها للمهل الدستورية المنصوص عليها.
ويؤكد المنبر القانوني ما يلي:
أولاً: رفضه جميع المواد التي تضرب الحقوق المكتسبة للموظفين وأيّ تسوية حولها، خصوصاً حقوق العسكريين في الخدمة الفعلية وفي التقاعد، لا سيّما المواد: ٩٣، ١٠٢، ١٠٥، ١٠٦، ١٠٧، ١٠٨، ومطالبته بإقرار زيادة فورية على الرواتب والأجور بنسبة ٨٠٪، تتناسب مع نسبة غلاء المعيشة.
ثانياً: يعتبر المنبر القانوني أنّ اقتطاع نحو نصف معاشات العسكريين المتقاعدين وفقاً لما جاء في المادة 108، يصحّ توصيفه بالمجزرة الحقيقية بحق هؤلاء، بالإضافة إلى انّه يضرب عرض الحائط حقوقهم المكرّسة في قانون الدفاع الوطني وقانون سلسلة الرتب والرواتب الأخير، وبالتالي من شأن هذه المادّة أن تدمّر الأمن الاجتماعي لهؤلاء، وتنسف قاعدة الهيكلية التنظيمية والتراتبية والحقوقية ضمن متقاعدي الأسلاك العسكرية من جهة، وبينهم وبين متقاعدي القطاع العام من جهة أخرى، الأمر الذي سيؤدي إلى نتائج وخيارات لا تُحمد عقباها.
ثالثاً: يعتبر المنبر القانوني أنّ للزوجة وللبنات الوارثات حقاً مقدّساً في معاش مورثهن “المتقاعد المتوفي” استناداً إلى القوانين القائمة والمعتمدة في معظم الدول العربية، وأنّ المسّ بهذا الحق وفقا لما جاء في المادة 107 يصل إلى حدّ الجريمة ضدّ الإنسانية، كون الموظف يفني حياته لتمكين عائلته من العيش بكرامة، إذ يشكل معاشه التقاعدي الإرث الوحيد لعائلته. من هنا، على التشريع التعاطي مع مفهوم “العائلة” على أنّه جزء لا يتجزأ من النطاق القانوني لتحديد الحقوق، وبالتالي لا يمكن فصل مصير الموظف عن مصير عائلته التي تعيش تحت كنفه حيّاً كان أم ميتاً، علماً أنّ تركة الموظف المتوفي هي مجموع المحسومات التقاعدية وعوائدها طوال خدمته في الوظيفة العامة، وبالتالي هي لا تشكل أي عبء إضافي على خزينة الدولة.
بناء عليه، أعدّ المنبر مطالعة قانونية شاملة حول مشروع الموازنة شرح فيها ملاحظاته المتعلقة بالمخالفات الدستورية والقانونية والإدارية التي شابت المشروع وضمّنها اقتراحاته بشأنها، وسيضعها في متناول السلطات الرسمية المعنية بإعداد ومناقشة وإقرار الموازنة بهدف التوضيح والتصويب، وكذلك في متناول قادة الأجهزة العسكرية والأمنية، كونها تستهدف عملياً حقوق العسكريين في الخدمة الفعليّة والتقاعد على حدّ سواء.
ختاماً، يضع المنبر القانوني نفسه بتصرف حراك العسكريين المتقاعدين للدفاع عن حقوقهم، وسيبقي على اجتماعاته المفتوحة، والتنسيق مع جميع المتضررين من مشروع الموازنة لتوحيد خطوات المواجهة في المرحلة المقبلة.
بيروت في 18 شباط 2021
المنبر القانوني للدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين
قم بكتابة اول تعليق