بقلم العميد المتقاعد شارل ابي نادر
لبنان هو نفسه من فجر استقلاله ، او على الاقل منذ تاريخ وعينا نحن جيل الحرب و الازمة ، تتكرر الحوادث والأزمات والمشاكل والتاريخ يعيد نفسه دائما، خلافات سياسية ومذهبية ، جرائم و اعمال سرقة وسلب ، مشاكل عائلية تصبح دموية و ثار وانتقام ….
في المقابل ، المتدخل هو نفسه ، والمقدام هو نفسه و الجريء هو نفسه وامل الناس هو نفسه ….ولا احد غيره…الجيش اللبناني .
ينتظره الجميع عند كل مفترق خطر وعند كل حادثة قابلة لان تتطور ويسألون جميعا : هل تدخل الجيش ام حتى الان لم يتدخل ؟ ويقول اغلبهم : ” مش مشكل هلق بيجي الحيش … نشالله الجيش بيحلها هلق …شو عمل الجيش ؟ وقف المطلوبين ؟ فرق المتخانقين ؟ اي لواء في فوق ؟ اين فوج ؟ اه في المغاوير …ما تعتلوا هم … التدخل انتشر خلص محلولة …..
عبارات يعيشها المواطنون و ينطقون بها عفويا عند كل حادثة او مشكل او مناسبة خطرة او غير سعيدة …واصبحت لغتهم هذه من التراث ومن التاريخ ، يسمعها الصغار من اهلهم و يكبرون عليها ويسمعونها لاولادهم …وهكذا دواليك.
يسقط من الجيش شهداء ويصاب آخرون … تنعيهم قيادة الجيش وتعالج المصابين …والناس تتاسف و تحزن ولكنها تعيش بأمان ولا تخاف الانهيار او الفوضى ….
ويأتيك أخرون ممن اعمت الأموال والاشغال والنفوذ بصرهم وبصيرتهم …لا يعلقون عند الأزمات لانهم مشغولون بحياتهم الخاصة وبمجتمعهم المخملي ويكون على سفر في الاوقات الاخرى ، سياحة و اعمال واجتماعات … ثم ينتبهون ان معاشات العسكريين تضخمت و يلفت نظرهم مبالغ بالملايين ، فيتحمسون للمحافظة على المالية العامة ، طبعا ليس حبا بها او حرصا عليها ، بل لانها في انخفاضها سوف تنخفض ارباحهم واستثماراتهم وفوائدهم ، لانهم بنوا ثرواتهم على عدم توازنها وعلى الهدر والفساد ..
ينتبهون أو يفطنون بحسهم المالي والاقتصادي ان تلك المبالغ ” المليونية ” التي يحصل عليها من افنى عمره على الارض ، بين الدخان و الرصاص و الجنون وتفلت السلاح ، هي سبب التضخم والعجز والانهيار ، فيتسابقون على عرض الحلول و اقتراح الهندسات المالية ، ولا يجدون الا معاشات المتقاعدين العسكريين وتعويضات صرف نهاية خدمتهم هي الحل السحري للعجز والانهيار.
هذا هو لبنان … لن يتغير …وسوف يبقى على مشاكله وأزماته ، وسوف يبقى على ناهبيه وسارقيه ، وسيبقى ايضا على مؤسسته العسكرية ، تضحي و تتحمل …. سوف تبقى صمام أمان البلد
قم بكتابة اول تعليق