لا تغتالوا الحارس …

بقلم العميد الركن المتقاعد مارون بدر

المعنويات هي العامل الرئيسي الذي يعطي الجيوش اندفاعا” واستبسالا” للدفاع عن الاوطان …
لأجل ذلك خصصت الترقيات والأوسمة والتهاني لرفع المعنويات ..
إلّا انّ الجيوش تابعت التطور مع الوقت لبلوغ اعلى درجات الاحتراف في عالم القتال !!! وذلك ليس لأجل تقاضي راتب كما يدعي الجهلة… كما أنه ليس لتقدمة اجتماعية…
بل من اجل العنفوان والكبر والشموخ التي يتحلى بها كل منتسب الى المؤسسة العسكرية .
في وطني من يحالفه الحظ من أبناء الجيش ويبقى على قيد الحياة عند خوضه المعارك و الحروب التي يشارك بها… ونظرا” للمخاطر الجمّة التي يتعرض لها من اصابات قد تسبب له اعاقة دائمة، او الوقوع في الأسر…يمنح الجندي راتبا تقاعديا… هذا الراتب ليس منةٍ من أحد بل هو من المحسومات التقاعدية … وتحسم شهرياً من راتبه طوال مدة خدمته الفعلية.
وتلك الحروب والعمليات العسكرية او الامنية تأتي بناء لقرارات السلطة السياسية التي تتقيد بها قيادة الجيش …
ولا ننكر اطلاقا أن الجيش اللبناني عرف بولائه للوطن!!!!
وهذا الراتب الذي يتقاضاه الجندي لا يجعله في ارغد عيش …بل هو مكملا” لما ينتجه من ارضه ورزقه… ويعيش على أمل إذا منحه الرب عمرا” الإستفادة من معاشه التقاعدي، بجانب عمل آخر يسمح له بكرامة العيش …
الجيش هو حارس الجمهورية المؤتمن على حماية الدولة والشعب !!!
ومما لا شكّ فيه أنّ جيشنا الوطني مرّ بعدة حروب ومعارك على مر السنين…واهمها الحرب الأهلية… والمعارك التي قامت ضدّ الاٍرهاب… وضد العدو… إضافة إلى مهمات حفظ الامن… وقد تحمل اكبر جزء من الخسائر في الارواح من شهداء ومعوقين باعداد كبيرة …
إن موقع لبنان في خضم الصراع الإقليمي يتطلب جيشا” قويا” والمطلوب تأمين كافة احتياجاته من تجهيزات وسلاح ومعنويات …
والمؤسف اننا في ظل فاسدين لا يريدون ان يملك لبنان جيشا” قويا” لذلك منعوا عنه السلاح ولم يهبوه الا القليل منه… وحرموا المتقاعد ماله الذي ادخره من معاشه ليحصل عليه حين تقاعده…
بحجة عجز الخزينة …
فيا اصحاب السيادة …المتقاعد راتبه هو الذي ادخره بنفسه… وهو لا يطلب حسنة من مال خزينتكم المخصص فقط لاحتفالاتكم… وسفراتكم… ولعشواتكم…ودعواتكم … واستقبالاتكم…رفاهيتكم…و
صفقاتكم …وجمعياتكم الوهمية…وهدركم لمال العام دون حسيب او رقيب…
إن ما يحصل بحق المتقاعدين هو اكبر درس وأمثولة لكل عسكري ما زال في خدمة الجيش الفعلية!!!
سيكون التالي لينزل الى الشارع ويطالب بحقه من سلطة تعتبره غير منتج …
وبذلك تكون السلطة تتلاعب بمصير واعصاب ومعنويات من هو لا يزال بالخدمة الفعلية… يرى كيف يتعامل من سبقه معاملة سيئة وغير عادلة خلال فترة التقاعد … رغم ما قدمه من التضحيات اثناء خدمته في حياته العسكرية!!!
وكيف لعسكري حاليا في الخدمة ان تكون معنوياته مرتفعة… بظل كل ما يجري من تعامل سئ لمن سبقه ؟؟؟
وهناك حالات حصلت لبعض العسكريين عند استشهادهم … لم يقبض عوائلهم رواتبهم التي تأخرت بسبب عدم أمضاء الوزير المختص للمرسوم لغاية في نفسه …
هل اهانة المتقاعد الذي شارك في العمليات العسكرية وحمل دمه على كفه اثناء الحروب
هو تأديبا” له على وفائه وتضحياته ؟
هل زار أي مسؤول مدافن الشهداء ؟
هل يعلم المسؤول بان اكثر الشهداء اهلهم توفوا لحظة تلقيهم نبأ استشهاد ولدهم ؟
وهل يعلم حضرة المسؤول بأن اطفالا” كثر ولدوا ايتاما… وبأن المعوقين حرموا من نعمة رؤية اطفالهم بسبب فقدان نعمة البصر ؟
هل عاش المسؤول يوما” شعور حكم الاعدام لعسكري أسير ؟
اسئلة كثيرة للاسف لم نجد لها جوابا …
هل التطاول على من ضحى وقاتل لأجل ارضه وعرضه ووطنه… يكافأ بسرقة ابسط حقوقه الذي هو راتبه ؟؟؟
إنه سكين الغدر من الفاسدين يلاحق المتقاعدين اليوم وغدا” وسيلاحق من هم في الخدمة بعدهم ..
هي حرب شعواء ضد ابناء الشرف والتضحية والوفاء.انها المؤسسة الوحيدة الجامعة لكل شرائح المجتمع وطوائفه… التي يؤمنون بها وبأنها الضمانة لاستقرار وطنهم !!!
.
اليوم يفاوضون على لقمة عيش من قدم لهم وطنا” يتحكمون بمرافقه وبشعبه بعد ان رسم بدم ابطاله طريقا” لمن ينتمى اليوم الى الجيش !!!
أيها المسؤولين ..
لا تغتالوا ابناء الوطن …
لا تقتلوا حارس الوطن الامين!!!
أعيدوا له حقه المقدس!!! وحق من رحل لتبقوا انتم في كراسيكم… وحافظوا على حق من بقي …
لكي يستطيع ان يحمي ويبني الوطن!!!
العميد المتقاعد مارون بدر

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply