داود رمال
يستحق من الجميع الدعم والشكر والتقدير لا التعيير الرخيص ونكران الجميل
كثر في الآونة الاخيرة الحديث عن ارتفاع عجز الموازنة، وتلميح البعض الى دور المؤسسات العسكرية والامنية في ذلك، لجهة تكلفة سلسلة الرتب والرواتب التي اقرّت في العام 2017.
ان اقدام هذا البعض على اطلاق الكلام على عواهينه ومن دون اطلاع على الارقام الحقيقية لتكلفة سلسلة العسكريين، يشير الى امرين لا ثالث لهما، وهما امّا وجود نيّات خبيثة لديه تجاه المؤسسة الجيش، وامّا الى جهله التام بنسب الزيادات التي طرأت على رواتب العسكريين، واقل ما يقال فيها انها مجحفة بحقهم، وهي الادنى على الاطلاق بين سائر الاسلاك الوظيفية.
بحسب السلسلة
فبحسب جداول السلسلة، بلغ مجموع زيادات رواتب العسكريين في الخدمة الفعلية وهم نحو 85000 عنصر، 360 مليار ليرة لبنانية فقط، فيما بلغت تكلفة زيادات القطاع التعليمي وهو يعادل نصف عديد الجيش نحو 500 مليار ليرة لبنانية، والامر مماثل لدى القطاع الاداري في ما يتعلق بنسبة الزيادة، وبصورة اوضح فان متوسط نسبة الزيادة على رواتب العسكريين بلغ نحو 20%، فيما بلغ لدى القطاع الاداري نحو 120%، ولدى القطاع التعليمي نحو 100%.
اما سبب هذا التفاوت في نسب الزيادات، فكان برأي اللجنة النيابية التي وضعت السلسلة ، ان لدى العسكريين تعويضات يتقاضونها عن السنوات التي تزيد عن الاربعين سنة، وقد تعهّدت اللجنة في حينه بالابقاء على هذه التعويضات التي نصّ عليها قانون الدفاع الوطني عند تكليف الجيش بمهمة حفظ الامن.
وفي الحقيقة ان هذه التعويضات، هي جزء بسيط من بدل الساعات الاضافية في خدمة العسكري والذي لا يتقاضاه الا في نهاية خدمته، بعكس سائر موظفي الدولة الذين يتقاضونه فورا، ما يجعل القيمة الشرائية لهذا البدل ضعيفة للغاية.
وبالمقارنة، نجد العسكري في الوحدات المنتشرة عمليا، يخدم 22 يوما كاملا في الشهر اي بمعدل 528 ساعة شهريا، فيما يعمل الموظف الاداري 35 ساعة اسبوعيا اي 140 ساعة شهريا، والمعلم في المدارس الرسمية نحو 60 ساعة شهريا.
نسبة ضئيلة جدا
اما في ما يتعلق بموازنة وزارة الدفاع الوطني ككل والتي تشمل رواتب العسكريين، ونفقات التجهيز والتسليح والتغذية وسائر النفقات الاخرى، فقد بلغت في العام 2018، 2800 مليار ليرة لبنانية من اصل مجموع موازنة الدولة البالغ 26000 الف مليار ليرة لبنانية، اي ما نسبتها 10،7%، وهي نسبة ضئيلة جدا بالمقارنة مع سائر الدول، والتي يتعدى بعضها 50% من مجمل موازنة الدولة.
المؤسسة التي يثق بها اللبنانيون
بناءً على ما سبق، يتضح انه من المعيب الحديث عن موازنة الجيش، خصوصا وان الجيش هو المؤسسة الوطنية التي يثق بها اللبنانيون جميعا، بعد ان حمت لبنان في اخطر الظروف التي مرّ بها، سواء في محاربة الارهاب بوجهيه التكفيري والاسرائيلي، او في منع انزلاق البلاد الى آتون الفتنة والفوضى، بفعل الصراعات السياسية المستمرة وجسامة التحديات الامنية، الناجمة عن تعقيدات الواقع اللبناني.
كما انه من المعيب الحديث عن اعباء رواتب العسكريين، وهي بالكاد تكفيهم لسد قوت عائلاتهم، في وقت يكرّس العسكري وقته وجهده لمؤسسته، وراتبه هو مصدر رزقه الوحيد، كونه من المُحضر عليه وفق القوانين ممارسة اي عمل مأجور، ناهيك عن الحياة القاسية التي يعيشها بعيدا عن منزله وعائلته، والاخطار التي يتعرض لها، فهو دائما مشروع شهيد في سبيل لبنان.
ضرب معنويات
ان استمرار البعض في استهداف الجيش، عن قصد او عن غير قصد، انما يصب في خانة ضرب معنويات ضباطه ورتبائه وافراده، وهذه مقامرة بمصلحة الوطن والمواطنين، والجيش الذي دافع عن الوطن بامكاناته المتواضعة وباللحم الحي في الكثير من الاحيان، يستحق من الجميع الدعم والشكر والتقدير لا التعيير الرخيص ونكران الجميل.
قم بكتابة اول تعليق