يخطئ من يظن أن الإنتهازية والتلون والخداع والحرباوية والتذاكي يمكن أن يحقق مصالح شعب .
إن الحاكم المستهتر بحقوق المواطنين ومن يواليه على هذا الطريق إنما يفتح أبواب الجحيم على بلده وشعبه لأسباب بسيطة بل غاية في البساطة منها أن الآخرين ليسوا أغبياء حين يتعاطون مع الدجالين المنافقين وفي عصرنا الراهن الذي يرى البعض أنه تغيير وعلينا أن نتغير معه هو عصر لا يعطي فيه أخذ بلا مقابل .
وعليه فإن المكاسب التي تتحقق عن هذا الطريق هي مكاسب مخادعة لا قيمة لها ، لا تبني ولا تُشبع الجياع .
يقال وبصوتٍ عالٍ عبر الفضائيات أن وقوف البعض من النواب هو الذي أعطانا الحق الذي حصلنا عليه مع العلم أنه حق مكتسب في القانون وليس منَّه من أحد علينا .
نحن نرى أن الحديث عن مكاسب آنية على حساب مبادئ العسكريين المتقاعدين هو منهج غير صالح على الإطلاق .
ونرى أن التلون والإنتشار على مساحة الوطن إن هو إلا تجارة رابحة وأسبابنا ليست مبدئية فقط بل متأتية عن العمل الذي سينتج عن محاكمة كل من تخاذل على هذا الشعب من هدر حقوقه القانونية .
الرابطة تقدمت تأسيساً على ثوابت وطنية وقومية لبنانية طبعاً ، لكنها سحقت كثير من العسكريين المتقاعدين بكافة رتبهم لكنها لم تسحق قيمهم ومبادئهم سواءً كنا نحترمها أو لا نحترمها أو نؤيدها أم لا .
هناك سياسة ثابتة لنا لا تحيد للعسكريين المتقاعدين وللشعب اللبناني عن مصلحة الأمة التي ستتحقق بالقوَّة الذاتية وبالسياسة المستقرة على كل ما هو موضوعي من بيئة متضامنة ومجتمع البلاد وقواها .
أيها العسكريين المتقاعدين إن التنظير للهزيمة التي لحقت بنا ليست طريقاً للرفاه ولا لحل الأزمات على حسابنا .
والرقص على حلبة وسطى بين العسكري المتقاعد والمدني ليست حكمة في السياسة .
وتوطين القبول بما هو مخالف للقناعات الوطنية في العلاقة مع السياسة المحلية ليس كمنهجاً للبناء ولا لعبور الأزمات .
النظام اللبناني سقط في جحيم النتائج الدستورية المتخاذلة عليه من جراء تصرفات السياسيين الغير قادرين على مواجهة الحقيقة وإعطاء كل ذي حق حقه ، ووجودهم فقط لإستفادتهم الشخصية من مرافقة ووجاهة وطاعة الفاسدين …
لماذا يُصر السياسيون اللبنانيون على الفذلكة والتشاطر بدل أن يواجهوا أنفسهم ويعترفوا أن ما إرتكبوه من إثم بحق العسكريين المتقاعدين وشعبه في باقي القطاعات كان تقديراً خاطئاً في السياسة وحسابات إقتصادية مخطئة ركَّزت على عين دون أخرى وٱنحشرت في ربع الكأس المملوؤ فقط .
وهي كلها تدرك أن موقفها من العسكريين المتقاعدين لم يكن قرار مصلحة وطنية ولا قومية بل قرار ضغائن شخصيَّة وحسد شخصي وٱنفلات الأرواح الشريرة من معاقلها … و … أخطر من هذا …
هو موقف إذعان لإرادة الأقوياء الذين ما أصبحوا أقوياء إلا بالإعتماد على توطين رواتب العسكريين المتقاعدين في بنوكهم .
إن زملائنا العسكريين الذين لم يساهموا بالأشهر السابقة بالمشاركة في الوقوف مع زملائهم لتغيير مسارات حياتهم هم أنفسهم لا يؤمنون بما يفعلونه بل أنهم يداهنون الفاسدين التي تورَّطت في الإنحدار الى البرك الآسنة والرمال المتحركة من تحتهم وهم يعلمون .
وهم يقولون ما يقولون إستسهالاً مرحلياً لا يرى عواقب الإستسهال المهلكة إلا من يلمسها .
الإستسهال في قضايا العسكريين المتقاعدين لن يمر مرور الكرام وسيعمِّق الفجوة بينهم وبين السياسيين والإقتصاديين لمنعهم من محاولة فقرهم وتجويعهم وسرقة حقوقهم المنصوص عنها في القانون .
الإستسهال هو الذي جعل الكثير من شعب لبنان الآن يعيش في كنف موتى مضوا قبل أن يحييوا .
هو الذي جعل بعض شعب لبنان الآن يستنجد بشفاعة من لا شفاعة له لكي يسلم في الدنيا .
الإستسهال هو الذي جرَّ العسكريين المتقاعدين الى غير قُطر ، الى التحرك والنزول الى الشوارع وحشد نسب كبيرة لا يُستهان بها للمطالبة بحقوقهم من السرَّاقين والفاسدين .
الإستسهال هو الذي يجعل الوطن محكوم من قبل سفير من هنا وسفير من هناك مؤدلجين يُقررِّون من يموت ومن يعيش ومن يُحرق ومن يُنخر عظمه بلا رحمة ولا شفقة .
أيظنون أن الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى قد خلت من لسان حال لها يصرخ بمكانتها العملاقة الخلاَّقة لو جمعت .
إن يقيننا له وجهين :
الأول : إن أمن وطننا وشعبنا هو الأولوية مجتمعاً ومصالحه الإقتصادية والسيادية لا تتحقق إلاَّ بالثبات على مبادئ شعبه .
الثاني : إن السياسات المبتذلة والنفعيَّة والنزوع الى الآنية وليّ عنق المصطلحات كالحداثة والتمدن والواقعية لن تؤدي بنا الى بر الأمان ولن تُشبع جوعنا إن كنَّا طلاب بطون ولن تَعمر لنا بلاد إن لم نكن توَّاقين للإنتقال الى عصر التغيير وإستعادة الحقوق المهدورة .
عشتم وعاشت الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى .
الرقيب أول المتقاعد نزيه حسن
قم بكتابة اول تعليق