العسكريون المتقاعدون في الشارع وآخر الدواء قطع الطرق؟

إستغرب البعض نزول ضباط من رتب عليا، وعسكريون رتباء وأفراد من القوات المسلّحة كافة إلى الشارع في مشهد لم يكن مألوفاً البتّة عند الشعب اللبناني. “نزلنا، لأنّه لم يعد لدينا حل آخر، لقد إستنفدنا الوسائل كافة، ولم نحصل إلا على وعود لم تُترجم واقعاُ، لقد زرنا الفعاليات السياسية كافة، وعرضنا مطالبنا والإجحاف اللاحق بنا بتقسيم زيادة الرواتب إلى شطور، فنحصل بالأكثر على 23% من حقوقنا التي من المفترض أن تكون 85% من رواتب الذين يماثلوننا في الرتبة والراتب في الخدمة الفعلية. لذلك نزلنا إلى الشارع في إعتصام تحذيري في ساحة الشهداء في 7 نيسان الفائت، تزامناً مع إنعقاد جلسة مجلس النواب، وقد سلّمنا مذكرة بالمطالب إلى الرئيس بري، الي تسلّمها رئيس مكتبه، كون الرئيس كان يترأس الجلسة”، شرح احد الضباط.

إنتظم العسكريون المتقاعدون في مجموعات إتصال (Group) على الواتس آب بحسب تواجدهم الجغرافي حتى أصبح عددهم أكثر من 8 آلاف عسكري متقاعد من مختلف القوات المسلحة تحت راية اللجنة الوطنية لقدامى القوات المسلحة، ومن كل المناطق اللبنانية. إنهم متحمسون كثيراً، يثقون بالضباط الذين يقودونهم: “كلنا واحد”، يجيب أحد العسكريين، “نحن نثق برؤسائنا وهم يستشيروننا بكل شاردة وواردة، فالقرار يُصنع معنا بالتداول والحوار والإقناع، ونحن جاهزون لما يطلب منا”.

منذ إعتصام نيسان الذي ضمّ ما يقارب 7 آلاف من قدماء القوات المسلّحة، والعسكريون المتقاعدون لا يهدأون: لجان إنضباط مهمتها حماية الإعتصامات والتحرّكات من الدخلاء بالتنسيق مع قوات الأمن، لجان إعلامية ولوجستية وأخرى للنقل والإتصالات، إنتظموا بسرعة وفعالية، وهم الآن يعملون على أمرين بالتوازي:

لجان مؤلفة من ضباط ورتباء تقوم بزيارة النواب كافة وتسليمهم مذكرة بالمطالب، وهنا تقوم رابطة قدماء القوات المسلّحة بزيارات إلى المراجع السياسية والحزبية للهدف ذاته، والتحضير للتحركات: مسيرة 6 أيار بمناسبة عيد الشهداء في وسط بيروت، وإعتصام ساحة النور في طرابلس في 7 ايار حيث يتوقّع أن يكون حاشداً كون أغلب العسكريين المتقاعدين وفي الخدمة الفعلية هم شماليون وبالأكثرية من محافظة عكار، بلاد العسكر والشهداء على حدّ قول أحد العمداء، ثم التحضير في الأسبوع القادم لإعتصام 14 أيار في ساحة الشهداء قبيل إتعقاد الجلسة التشريعية المزعومة.

عند سؤآلهم عن مصادر تمويل التحرّكات، يضحك احد الرتباء ويقول بلهجته الطرابلسية المحبّبة: “جمّعنا من بعضنا لنستأجر فان ومكبرات الصوت وإنشاء منصّة للكلام، ورفاقنا بيجوا ع حسابن بالبواسط، وكل مجموعة تدفع ثمن اليافطات والأعلام التي تحملها.. نحنا ما منتبع لحدا إلا لبدلتنا”.

العسكريون مصرّون على نيل حقوقهم، ولن يهدأوا قبل إعطائهم حقوقم كاملة، وهم يتحضّرون إلى تصعيد واحد في المناطق اللبنانية كافة ولو وصل الأمر إلى قطع الطرقات الرئيسية، كون هذه الدولة، لا تفهم إلا بهذه اللغة، كما يقول حد العسكريين البقاعيين: “سائقو الشاحنات أعطوهم حقوقهم بعدما قطعوا الطرقات بشاحناتهم، فهل يجبروننا على ذلك؟ نحن حمينا طرقات الوطن وأرضه وشعبه، لكن إذا أرادت الحكومة تجريبنا في هذه الأمر، فسنقطع كل الطرقات الرئيسية في كل المناطق دفعة واحدة ولنر ماذا يمكن أن تفعل الحكومة بعد ذلك، كيف يكون ذلك وهل تستطيعون قطع كل الطرقات الرئيسية في لبنان دفعة واحدة؟”.

يضحك أحد اضباط قائلاً: “نحن قرابة الـ 47 ألف عسكري متقاعد دون حسبان عائلاتنا وعائلات الشهداء، وقادرون على شل البلد خلال نصف ساعة، وفي الوقت ذاته منع موظّفي الوزارات والإدارات العامة من الدخول إلى مكاتبهم، ولدينا الخطط للتنفيذ، لذلك ننصحهم بألا يتغاضوا عن إعطائنا الحقوق كاملة”.

لكن إذا كنتم ستصعّدون بهذا الشكل فلماذا تزورون النواب وتطلبون منهم دعمكم؟

عملنا كل ما يلزم وجربنا كل وسائل الحوار والتواصل المباشر مع المسؤولين، ولمسنا من أغلبهم تجاوباُ كلامياُ مع قضيتنا ، لكن للتعبير عن حسن نيّة الحكومة، لماذا لا تقوم بسحب مشروع قانون السلسلة من مجلس النواب وتعدّله كما ينصّ قانون الدفاع، وبعدها تنتفي كل تحرّكاتنا ولن يعد لها من مبرّر، لكن إلى الآن، لم يقم رئيس كتلة نيابية واحدة ويعلن أن كتلته مع تعديل مشروع القانون المرسل من الحكومة إلى مجلس النواب لصالحنا، فكيف لنا أن نصدّق وعودهم؟ لذا فنحن في صدد التحضير للتحرّكات الإحتجاجية، وإلى تصعيد يتزامن مع مواقف الحكومة ومجلس النواب إذا كانت سلبية.

جيش آخر ولكن بثياب مدنية، هم العسكريون المتقاعدون، رجال لوّحت الشمس جباههم، وعلى أجسادهم آثار معارك شاركوا فيها ببسالة، يتذكرون رفاق السلاح، يتندّرون بأخبار الرفاق، تدمع عيونهم عند ذكر الشهداء: جاهزون في كل حين لتلبية أمر القيادة بالإلتحاق، فنحن بأغلبيتنا لا نزال في وضع الإحتياط.

نعم نحن جيش رديف لجيشنا، نأتمر بقيادتنا وجاهزون لتلبية النداء في أي وقت.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply