حالة من الغليان والسخط تسود صفوف العسكريين المتقاعدين، لن تنتهي على خير، توازيها حالة من الصمت المدوّي في صفوف عسكريي الخدمة الفعلية.
الجميع يتساءل : أهكذا يكون الوفاء لآلاف الشهداء والجرحى والمعوقين العسكريين، الذين خاضوا بكل بسالة وبطولة معمودية الشهادة والدم والألم ليبقى الوطن، ويحيى أبناؤه بطمأنينة وسلام؟
أهكذا يكون الوفاء لمن أفنى شبابه في معارك الدفاع عن لبنان، على أمل أن يجد مساحة فرحٍ ولو ضئيلة في مرحلة التقاعد وهو في خريف العمر ؟
إذاً، لماذا بذلنا الغالي والرخيص في سبيل وطنٍ لا يقيم ساسته ومسؤولوه أيّ اعتبارٍ لتضحياتنا وكراماتنا ولقمة عيش عائلاتنا ؟
لماذا يجيشون بعض الإعلام والمنابر تحت راية الحريّة اللامسؤولة للدخول إلى بيوتنا والتطرّق إلى أدقّ تفاصيل حياتنا اليومية حتى إلى ألوان ثيابنا، وربما قادهم فضولهم إلى نبش قبور شهدائنا ؟
إلى أين أنتم ذاهبون بلبنان ؟ أنسيتم ويا لنقمة النسيان! أنّ هذا الوطن الصغير هو جزءٌ من ” الشرق المستحيل ” الأرض الخصبة للإرهاب والقلاقل والإجرام، والذي لا تنتهي حربٌ فيه إلاَّ وتشتعل حربٌ أخرى، تحت رايةِ حروب الآلهة وما أكثرها، وقدر بلدنا بالتحديد أن يكون على خطِ الزلازل الطائفية والسياسية والأمنية، وأنه لولا تضحيات الجيش ودماء رجاله، لكان سقط منذ زمنٍ بعيد بين أنياب الفتنة والفوضى والخراب؟
أفكرتم ملياً بعواقب ضرب معنويات العسكريين وتعرية الخصائص المعنوية والمادية للجيش، وجعلها مادةً يومية للثرثرة والتطاول من هنا وهناك ؟
ألم يكفكم ما ألحقتم بهؤلاء الجنود الأبطال من مظلوميةٍ فاقعة في سلسلة الرتب والرواتب، لتنقضّوا اليوم على آخر حقوقهم ومكتسباتهم ؟
يبدو أنكم لم تتعلموا شيئاً من تجارب بلدان المنطقة، وما تعرضت له حين غُيِّبت أدوار جيوشها، أو أنكم اعتدتم ممارسة لعبة المقامرة بالبلاد والعباد.
شيئٌ من الحقد والغباء يتملّك نفوسكم، لكن حذارِ الاستمرار فيه، لأنه سيؤدي إلى سقوط الهيكل فوق رؤوس الجميع، وستكونون أنتم أول الخاسرين والهاربين.
قم بكتابة اول تعليق