تشكل المؤسسات العسكرية والامنية صمام أمان واستقرار للوطن وضمان وحدته وسيادته واستقلاله. لقد ورد في مشروع موازنة 2019 مواد ضريبية ظالمة جداً بحق هذه المؤسسات وبحق عسكرييها في الخدمة الفعلية والتقاعد بصورة لم يسبق لها مثيل من قبل، خصوصا لجهة حجم الضرائب وعدم دستوريتها وقانونيتها وعدالتها. بلغ عدد هذه ما يزيد على 15 مادة، ومن شأن أقرّارها ترك انعكاسات سلبية للغاية على حياتهم المعيشية وأمنهم الاجتماعي.
أحدث قانون السلسلة رقم 46/2017 خللاً كبيراً بين رواتب العسكريين كافة وبين رواتب سائر موظفي القطاع العام، جاء مشروع موازنة العام 2019 ليزيد من هذا الخلل، وبالتالي سيفوق اجمالي قيمة هذه الاقتطاعات والضرائب مع خفض التقديمات الاجتماعية، قيمة الزيادة التي منحت للعسكريين في قانون السلسلة، والتي جرى تجزئتها للمتقاعدين منهم لثلاث سنوات يستحق جزؤها الثالث في ايلول 2019 ، ناهيك عن المبالغ المقتطعة منها وتدني قيمتها الشرائية الفعلية لارتفاع غلاء المعيشة الناجم عن اقرار قانون السلسلة في العام 2017 وقانون الضرائب اضافة الى الضرائب التي سيتضمنها قانون الموازنة العتيد.
بالاضافة الى ما سبق، يشكل قانون الموازنة صكا تشريعيا لسنة مالية واحدة يجاز للحكومة بموجبه الجباية والانفاق، وبالتالي لا يمكن ان يتضمن مواد مخالفة لقواعد التشريع وآلياته القانونية التي لا تجيز لقانون الموازنة العام تعديل القوانين الخاصة.
لذا، نودعكم هذه المذكرة، آملين من سعادتكم اعادة النظر في المواد الآتي ذكرها ادناه وتصويب الامور قبل فوات الأوان، مع ثقتنا الكاملة باستجابتكم واصراركم على رفع الغبن اللاحق بالعسكريين، انطلاقاً من موقعكم ودوركم الوطني كممثلين للأمة اللبنانية، وحرصكم الاكيد على صون المؤسسات العسكرية والأمنية وحقوق عسكرييها. بناء عليه وتاكيدا على تمسكنا بعدم المساس بحقوق ومعاشات ورواتب العسكريين في الخدمة الفعلية والتقاعد، نتقدم من سعادتكم بالمطالب الآتية:
1- المطلب الأول: الغاء المادتين 22 و48 من مشروع الموازنة المتعلقتين باستحداث ضريبة دخل على رواتب العسكريين المتقاعدين.
● المعاش التقاعدي هو استرداد تدريجي لقسم من المحسومات التقاعدية التي تمّ اقتطاعها شهرياً من رواتب العسكريين خلال خدمتهم الفعلية، بالاضافة الى الفوائد الناجمة عن توظيفها في المصارف. لذا فانّ هذه المحسومات وفوائدها هي ملك حصري للمتقاعد نفسه، واي اقتطاع منها تحت أي عنوان كان سيشكل مخالفة للمادة 15 من الدستور اللبناني التي تلزم الدولة بحماية الملكيات الخاصة.
● العقد شرعة المتعاقدين: لا يجيز قانون الموجبات والعقود (تاريخ 9/3/1932 بمادته 166) اجراء اي تعديل على مندرجات العقود الموقعة ما بين الاطراف دون موافقتها جميعا، وعليه تبقى عقود التطوع الموقعة قبل اقرار القانون سارية المفعول، وخلاف ذلك يجعل من مشروع الموازنة مخالفا لدستورية القوانين.
● عدم جواز رجعية القوانين: تنص شرعة حقوق الانسان على عدم جواز رجعية القوانين ومس اي حق مكتسب من الحقوق او اسقاطه. وعند التعديل يجب ان يكون الحق المعطى يوازي قيمة الحق السابق المكتسب، أو أفضل منه.
● الاخلال بمبداي العدالة والمساواة: ستشكل مفاعيل المادة 22 تفاوتا واضحا في اصول تطبيق واحتساب قيمة ضريبة الدخل ما بين عسكريي الخدمة الفعلية والمتقاعدين. كما سينحصر تطبيقها على من اختاروا تقاضي المعاش التقاعدي ولن تطال من اختاروا تقاضي تعويض الصرف من الخدمة.
● الترابط والتلازم: تصحيح الخطا باسقاط ضريبة الدخل المنوه عنها في المادة 22 من مشروع الموازنة يستوجب الغاء المادة 48 من هذا المشروع والتي تنص على الغاء الفقرة 4 من المادة 47 من المرسوم الاشتراعي رقم 144 تاريخ 12/6/1959 (قانون ضريبة الدخل) والتي تنص بشكل واضح وصريح على اعفاء المعاشات التقاعدية من ضريبة الدخل.
2- المطلب الثاني: الغاء المادة 81 من مشروع الموازنة المتعلقة بفرض اقتطاع شهري (3%) على رواتب ومعاشات تقاعد العسكريين لزوم الطبابة والاستشفاء والمساعدات الاجتماعية.
● تتعارض هذه المادة مع قانون الدفاع الوطني المرسوم الاشتراعي 102 تاريخ 16/9/1983 المادة 68 وقانون قوى الامن الداخلي رقم17 تاريخ 6/9/1990 المادة 147 ، وقانون الامن العام المرسوم الاشتراعي رقم 139 تاريخ 12/6/1959 المادة 33، وكذلك القوانين المماثلة الخاصة بسائر الاسلاك الامنية، والتي تمنح حق الطبابة المجانية للعسكريين وعائلاتهم. خصص المشترع العسكريين بالاستشفاء المجاني لانه نابع من طبيعة الحياة العسكرية الاستثنائية التي تفرض تعرّض العسكريين لإصابات وإعاقات وأمراض مزمنة تلازمهم مدى الحياة، سواء تلك الناجمة عن المعارك والمهمّات القتالية، أو الناجمة عن المناورات والتدريبات الشاقّة واستنزاف القدرات الجسدية.
● الالتباس في تطبيق نص هذه المادة إذ يتبين من مضمون النبذة 292-2 انها ستحقق ايرادات تصل الى 58 مليار ليرة لبنانية، فيما اقتصار فرض الضريبة 3% على المتقاعدين لن يوفر هذه القيمة الاجمالية المذكورة، وهذا دليل على انها ستطال العسكريين في الخدمة الفعلية اضافة الى المتقاعدين على حد سواء.
● الاخلال بمبداي العدالة والمساوة لجهة عدم امكانية فرض ضريبة 3% على من سبق ان اختار او سيختار تقاضي تعويض الصرف بدلا من تقاضي معاش تقاعدي. علما ان من يتقاضى تعويض الصرف النهائي يبقى حقه بالاستفادة من الطبابة العسكرية المجانية قائما.
● الاخلال بمبداي العدالة والمساواة لجهة الاسباب الموجبة التي اعتمدتها الحكومة في تبريرها لهذه الضريبة على قاعدة وجوب تحقيق المساواة مع جميع موظفي القطاع العام، علما ان مبدا المساواة لم يتحقق بموجب قانون السلسلة، واي تطبيق لهذه الضريبة يستوجب اعادة النظر بمجمل النسب المتدنية والممنوحة للعسكرين (متوسط 50% للعسكريين مقابل اكثر من 150% لسائر موظفي القطاع العام)، واعادة النظر في عدم استفادة العسكريين من الدرجات الاستثنائية الثلاث التي منحت لموظفي القطاع العام كافة باستثنائهم.
● يستمر متقاعدو القطاع العام المدنيين في دفع ضريبة 3 % بدل اشتراكهم في تعاونية موظفي الدولة في مقابل استمرار حقهم بالاستفادة من جميع التقديمات التي يمنحها صندوق التعاونية كما لو انهم في الخدمة الفعلية، وذلك خلافا للعسكريين المتقاعدين الذين تقطع عنهم التقديمات والمنح الاجتماعية كلها.
● الايحاء بان فرض هذه الضريبة سيخصص لمصلحة الطبابة العسكرية، يخالف مبادئ الشيوع والشمولية وبالتالي فان اقتطاع هذه الضريبة لا يمكن تخصيصه (مبدا الشيوع) لقاء التقديمات الاجتماعية كما هو الحال في وضع تعاونية موظفي الدولة ومنتسبيها.
● اضافة الى كل ما ورد اعلاه فان هذه المادة تخالف ايضا مبادئ شرعة العقود وشرعة حقوق الانسان وعدم الرجعية والاستقرار الوظيفي كما ورد آنفا في متن المطلب الاول.
3- المطلب الثالث: سحب كل المواد من مشروع موازنة 2019 والمتعلقة بالعسكريين المتقاعدين واحالتها الى لجنة على مستوى وزارتي الدفاع والداخلية والبلديات لاعادة دراستها. على ان يشمل عمل اللجنة بالحد الادنى اعادة العسكريين الى كنف المؤسسات العسكرية الام، و الحق باعادة النظر في كل المواد التي سبق وضربت حقوق العسكريين في قانون السلسلة رقم 46/2017. اضافة الى عدم البت مستقبلا بتعديل اي من قانوني الدفاع او نظام التقاعد لجهة الحقوق المكتسبة للعسكريين المتقاعدين إلا بعد الأخذ برأيهم او مشاركتهم.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير
حراك العسكريين المتقاعدين
قم بكتابة اول تعليق